يُصادف أحياناً أن تتلون كلمة عادية باللون الأحمر لأسباب مختلفة، لكني لم أجد أكثر من كلمة "الداخلية" تجر ما قبلها وما بعدها نحو علامات الاستفهام.
كنت، وكعادتي "البايخة" أطالع عناوين الصحف، وكان المُحرر قد أفرد مساحة لخبر مفاده أن أحدهم يُسوق للسياحة الداخلية إلكترونياً. بصراحة لا أعرف حتى مصدر كلمة سياحة ولا منشأها اللغوي أو الاجتماعي ولكن يبدو من اسمها أنها جاءت من أغنية عبدالحليم "سوّاح"، أما السياحة الداخلية فهي مصطلح بالنسبة لي وهمي حيث أنني كانسان أقطن في بقعة جغرافية تاريخية لم أجد مكتب مقاولات عامة يدلك على أي معلم سياحي
من جانب آخر لا أعلم ما المقصود بـ "الداخلية" في عنوان الخبر، ربما هي خطة استراتيجية لتفعيل السياحة "داخل" صالات مغلقة، لأن الجو ما يساعد لذلك الناس "تهج" من البلد صيفاً وتخلد للسبات شتاءاً. عموماً لا أظن أن كثير من الناس يهمهم كون السياحة داخلية أو خارجية، لأنه وبكل بساطة ألفين حافز لا تكفي لسداد فاتورة الجوال وشراء ربع بخاري لمدة شهر أصلاً
من هنا عرفت أن كلمة "الداخلية" تُمثل لغزاً محيراً في لغتنا الشعبية، فكان القدماء يُطلقون هذا الاسم على زوجاتهم، من باب المزح الجاد لدرجة أن أحد معارفي خصص نغمة جواله "إنذار إسعاف" حين تتصل زوجته. ودارت الأيام والقضايا حول هذه التسمية وصارت "نكتة" قديمة غير صالحة للضحك
النكتة الأخرى المُصاحبة لـ "الداخلية" هي محلات الملابس الداخلية التي دارت عليها سنين عجاف لسن قانون واحد فقط، وحتى الآن لا أعرف شخصياً ماذا جرى في هذه القضية الداخلية! ولكني على ثقة أن هذه الكلمة تُسبب حرج أكثر من الحرج الذي تتعرض له النساء في تلك المحلات مما يجعل النقاش حول سن القانون أمر محظور فهو يمس الأسرار الداخلية للبيوت
وتُواصل هذه الكلمة لغزها في النوايا، فالنوايا عقائد داخلية ولكن كثير من الناس يتعاملون معها وكأنها زيّ ظاهري. ذات مرة "كبسوا" عليّ مع أحد محارمي في مكان عام وفي ازدحام أول أيام العيد، وكشف لي هداهُ الله أنه يعرفني ورآني سابقاً في وضع مُخل، أنكرت واستنكرت ولكنه أصرّ فسألني عن لون ثلاجتنا! هنا ثارت حميتي وقلت له: كل شيء إلا أسرار المطبخ الداخلية
كان بودي أن أُبحر أعمق في زوايا هذه الكلمة ولكني مصاب حالياً بصداع وشد عضلي في الأحشاء الداخلية، وبصراحة لا أرغب في البوح عن مشاعري الداخلية منعاً من الحساسية والله ولي التوفيق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق