الجمعة، 18 مايو 2012

فلسفة الخروج




أؤمن كثيراً أن الحياة نصٌ مكتوب لذلك وعلى مسرحنا اليومي يُمكننا الخروج عن النص، فالجمهور يُعجب دوماً بهكذا خروج، وتبقى المشكلة أن هذا الخروج قد يُوصلك إلى مُكبرات الصوت المُعلقة فوق بعض المآذن لتُخرجك من الملة.

الخروج مصطلح غير مرغوب فيه فهو عادةً يُدخلك في كل ما لا تريده بالرغم من أنه عكس ذلك، بدءاً من خروجك من الرحم إلى خروجك من الحياة، في كل خروج ستكون مُجبراً على دخول شيء ما، لا يوجد خروج مُجرد يُوصلك لفضاء آخر من معاني الخروج!

الدخول من جهة أخرى يُعتبر روتيناً لكل ما هو مألوف، هو بقاء ضمن إطار جغرافي وفكري لا يتطلب منك حركة إضافية، فيمكنك البقاء مع من حولك لتكون داخلاً ضمن الجماعة في أمل أن تحل البركة. أن تسبح مع التيار هو دخول وانسجام لا يؤدي إلى خلل حسب الأعراف، وحتى الأعراف نفسها تعتبرُ مدخلاً تلقائياً للتسليم والاستسلام.

على النقيض تماماً يكون المسير عكس التيار خروجاً عن المألوف، لذلك تُسمى تحركات الناس عادةً خروجاً على النظام مثلاً.

في أغلب الأحيان يكون الخروج موسوماً بالسلب رغم أن بذرته حسنة، وهنا تختلط مفاهيم الخروج في اللغة إذا اصطدمت بمصطلحات ابتكرها العاملين في "كشك" تذاكر الدخول!

تلقنّا مذ كنا صغاراً أن لا نخرج للشارع، أن لا نخرج من الفصل، وأن لا نخرج عن مضمار الكتاب بسؤال! صرنا نخاف حتى من الخروج من المأزق، لذلك نحن نُفضل الدخول في مأزق آخر عوضاً عن التفكير في مخرج والعياذ بالله!

في صغري تردد على مسامعي مثل شعبي، "امشي سِيـده يحتار عدوك فيك"، ربما هو لا يتناسب في مقام القول هنا ولكني أجده وُلد من صُلب الخروج والدخول. "سِيده" تعني بشكل مستقيم، لا يهم في هذا المثل أن يكون الطريق صحيحاً أم لا، بل المطلوب أن "تمشي سِيده" فقط حتى لو انتهى بك هذا الطريق المستقيم في مثلث برمودا!

الخروج المُباح عادة يكون مُخيفاً أو حزيناً، فإما أن تكون مستعداً في صالة المُغادرين للخروج أو أن تبحث عن مخرج طوارئ للهروب من كارثة أو حريق في مبنىً ما!

أما روتين الدخول فهو الهواء الذي يتنفسه الناس إلا حين يرون لافتة "ممنوع الدخول" وهي فرصة قد يبدو لك أنها فرصة للخروج، لكنّها بالفعل ليست كذلك، فلا يمكنك الخروج مما لا تدخله أصلاً!

المضحك أن الدخول لبعض المواقع يتطلب منك كلمة مرور، ولكن الخروج سهل جداً، بعكس المفهوم الذي يعرفه المجتمع. الخروج في المجتمع يحتاج لكلمات مرور كثيرة، ولكن الدخول يتطلب منك الصمت فقط!

عزيزي القارئ وبعد دخولك هنا أنصحك بالخروج من المدونة، والخروج من المنزل والخروج لنبحث سوياً عن مخرج لا يُدخلنا في سين وجيم!

هناك تعليقان (2):

  1. أريد الخروج الآن .. معك أنت ، أين ألقاك ؟

    ردحذف
  2. تلقاني في كل كهف عُلق فوقه: هنا مرقد الخائفين.

    ردحذف