جريمة أن نختزل الدين في تغريدة واحدة، ولكنها أحكام التكنولوجيا التي أجبرت حتى المتدينين أن يخطبوا في الناس بمائة وأربعين حرفاً فقط. هنا كشفت لنا شبكة العناكب أن قدرة أصحاب الفضيلة على ممارسة الاختصار والتعايش مع سرعة التفكير ضئيلة جداً، هم يحتاجون لمساحتين من الزمن للتأثير في جموع الناس في صلاة أسبوعية! في حين أنهم أثبتوا غير مرة احتراف اختزال الدين في حُكم مطلق أو فتوى مُرسلة عبر زجاج القنوات الفضائية!
كانت الفجوة واسعة جداً بين عباءة التدين وشارع الخبز، بين العود الفاخر وزجاجات العطر التقليدية، بين الإدغام والعاميّة. ولكنها ازدات اتساعاً كلما كثُر موتى الاختزال. لا ينفك التساؤل صياغة نفسه أمام مرايا الحياة، كيف لدين أن يُختزل في زُقاق الأفكار؟ بل كيف لرجل دين أن يُعبّر في خطبته عن الناس برواية واحدة يسكبها في كأس رأيه ويُرهمها لتتلائم مع ما يصنعه هو!؟
الأشد غرابة هو انصياع طالبي القمح بسذاجة لأي رأي مرّ بجانب بقايا السواك! وبالرغم من كون التسليم ايمان إلّا أن بعض التسليم يرمي بالأسماك في شرك الصيّاد، هو مشهد متوقف عن الحركة، كنتوء زائد في زمن المعلومة.
عندما تتحول القيمة الانسانية إلى مظهر شكلي تفقد هيبتها فوراً لأنها اكتسبت قوام عارضات الأزياء، فلا يمكن بأي حال الجمع بين أقصى الطرفين في القيمة الانسانية إلّا إن أردنا صناعة التناقض والنفاق. وعلى مرّ العصور التي قرأناها في أوراق التاريخ وجدنا طرف الزهد بعيداً عن ممرات المعارض والمسارح، بعيداً عن مساحيق التجميل وأضواء آلات التصوير.
التدين، كيفما وجد نفسه، قيمةٌ تسبح فوق سحاب الأفكار، هو مساحة شفّافة يحرمُ خدشها برقصة بهلوانية أو تغطيتها بعباءة مطرزة ببعض الخيوط المُـذهبة، فهل يُدرك المتدينون تلك القيمة أم سيقضون النهار بحثاً عن كيس قمح ويُسلِموا عقولهم لمن لا يدلهم على حقول الرزق ولا حقول المغفرة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق