الأحد، 6 مايو 2012

كلب جارتي الكندية




بالرغم من التحريم اللغوي للحديث عن الكلاب، إلّا أنني لا أؤمن كثيراً بالأعراف، خصوصا أعراف الديوك، ربما لأن معظم الكُتاب دجاج لا يبيض!

تُواعدنا الصدفة بين ممرات المبنى السكني أنا وجارتي التي لا أعرف دينها وربما تعرف هي ديانتي، فترسم على محياها ابتسامة وتحية وهي ممسكة برباط كلبها الصغير الذي يعدو بين قدميها وكأنه يحاول لفت انتباه أي مخلوق حوله.

كنت أسير في مواقف السيارات ليلاً أفكر في وجبة العشاء، فنبح الكلب الذي كان يلهو في الشُرفة فأفزعني، نزلت جارتي تعتذر لهذا السلوك الطائش، لأنني ربما قد أصاب بمرض نفسي جراء هذه النبحة وقد أرفع دعوى قضائية لمُحاكمة كلب صغير!


صعدت سيارتي ونسيت وجبة العشاء، واستولى عليّ التفكير في هذا الكلب الذي كان أول المتبرعين لضحايا تسونامي كما قرأت في إحدى الصحف الكندية!


كلب جارتي الكندية، حيوان ذو أربعة أرجل ومن نفس فصيلة الكلاب الضالة في بعض المزارع لدينا، يتم وضعه في غرفته الخاصة إذا زارهم ضيف لا يشعر بالراحة بجانب الكلاب.


هو لديه حساب شرعي في الفيس بوك وقريباً قد يتم تدشين حسابه في تويتر، وللمعلومية لا يجوز عرفاً مناداته باستخدام ضمير الجمادات، بل يقال له "هو أو هي" من باب الاحترام لصاحبته مع أنه شخصياً له احترام قانوني ومدني وبيئي واجتماعي لا يفهمه الكثير!


جارتي الكندية قد يتم استدعاؤها للإستجواب لو تركته وحيداً مدة طويلة، ربما يصل الحال لمخالفتها منعاً لجرح مشاعر هذا الكلب الصغير. في بداية تبنيها لهذا الكلب كانت منظمة مختصة تزور منزلها بشكل دوري للإطمئنان أنه يعيش في مكان مناسب ويلقى رعاية جيدة!


ذات مرة رأيته يهرول مسرعاً لينتشل منديلاً سقط سهواً من جارتي، لا أظنه حريصاً على النظافة بقدر ما هو معتاد على روتين رمي المخلفات في الحاويات وليس في الشوارع والممرات والكورنيش!


كلب جارتي الكندية يمكنه الذهاب معها لممشى خاص للكلاب أو حديقة خاصة أو مسبح خاص سواء كان عائلة أو "عزابي" دون ملاحقة أو مُراقبة من مرور المشي والترفيه، فالنفوس هنا تراقب أنفسها، حتى الكلاب!


طبعاً كلب جارتي الكندية لا يُمنع من السفر بأي قرار، ولا حتى الأمم المتحدة لحقوق الحيوان تستطيع ذلك إلا بتقرير وعذر طبي، حينها ربما يتم نقله بطائرة إخلاء طبي خاصة!


كلب جارتي الكندية لديه بطاقة هوية وشهادة ميلاد، ولا يستطيع أكبر كاتب عمود صحفي "أكبر شنب يعني" أن يطعن في هويته أو يتعدى عليه بحرف أو حتي بنبحة ممثالة!


لا يستطيع أي موظف خاص أو حكومي طرد كلب جارتي من أي مكان أو منع من الدخول لأي مكان طالما لا توجد لافته تقضي بذلك، فالقانون "يمشي" على الكلاب والموظفين بإختلاف رتبهم!


لو صفّ كلب جارتي الكندية في طابور، فلا يحق لأي مسؤول مثلاً أن يتجاوزه للحصول على كوب قهوة في أي مقهى!


كلب جارتي الكندية من حقه مقاضاة من يتعدى عليه حتى بالنظر ويثير الرعب فيه، فأي تطاول أو تعدي عليه يعتبر تعدي على الأسرة!


كلب جارتي الكندية يا رفاق قد يتم عزله من رعاية جارتي لو أساءت له جسدياً أو لفظياً، تخيلو أنها لو قالت له يا حيوان بنية الإساءة فقد يتم تغريمها وسحب الكلب منها ووضع اسمها في قائمة سوداء وتُمنع من الحصول حتى على "قطوة" أصغر!

كلب جارتي الكندية قد "يفعلها" في إحدى الممرات وتقوم هي بتنظيف المكان بأدوات خاصة، صدقني أنك لا ترى قذارة في الشارع بالرغم من كثرة الكلاب هنا، لكنك راقب كورنيش الدمام مثلاً وسترى العجب خصوصاً في دورات المياه!


 كلب جارتي الكندية لديه تأمين طبي شامل ويمكنه الحصول على تأمين على الحياة كما أنه يذهب لصالون التجميل بين الحين والآخر!


كلب جارتي الكندية يحق له أن يمارس هوايته في الركض والمُلاعبة في أغلب الأمكان العامة فهو لا يرى
 لافتة ممنوع التصوير مثلاً!


كلب جارتي الكندية لديه مواعيد خاصة للنوم، وأنا لازلت أقلّب الأفكار حول ماذا ستكون وجبة العشاء هذا المساء؟



هناك تعليقان (2):

  1. جميلة هذه الخواطر حول التفاصيل التي لاحظتها حول شخصية الكلب.. خصوصا مقدمتك المموهة التي تعزو لتشبعنا بالمعاني الدينية للكلب..
    هناك الكثير من التحولات التي طرأت علي أيضا أيضا فيم يتعلق بالكلاب، خصوصا في بداية قدومي لكندا حيث كنت لا أرها الا كتلة متحركة من "النجس" الذي سيبطل وضوئي!
    ومن ثم التحول الذي جعلني أراها بمنظور آخر وكأنها طفل صغير..
    لا تغار من روتين الكلب.. هناك تشويق في العشوائية..

    ردحذف
    الردود
    1. ممتن لهذا المرور اللطيف، إن التجاوز لهذا الشعور مدعاة للتأمل، مثير أن ينتقل الانسان "الشرس" إلى هذا الترف من الحقوق، شعوب فرغت واطمأنت لحقوقها فذهبت بكل حنان للبيئة التي تحطيها!
      شكراً لك

      حذف