يُقال أن المكتوب يُعرف من عنوانه في إشارة لكون معنى العنوان دليل على المحتوى، لكن هذه الاستراتيجية المحترمة لا "تُثير" رغبة القارئ إلا في حال تطابقت إثارة العنوان مع فضيحة بالداخل
في الصحافة الحقيقية، تعتبر صياغة العنوان الصحفي مهارة لاختزال المحتوى في عبارة واحدة، ولكن في صحافة السيرك يعتبر العنوان الصحفي المساحة المخصصة التي يتدرب فيها المهرجون. لذلك يعمد المحررون لاستخدام خيالهم الخصب لابتكار صور "الشقلبة" التي نراها على صفحات الصُحف. ولأن المحرر المسكين ليس لديه وقت يكفي حتى للتشقلب على السرير جيداً، فهو يُرسل شقلبة "أي كلام" للإخراج والنشر
لابد أن نعترف أن العنوان الصحفي ضرورة، فهل لك أن تتخيل صحيفة بلا عناوين؟ ستكون أشبه بالتبولة بدون "برغل". ولكن وبنسبة ما يُمكن وضع العناوين بدون محتوى الأخبار والمقالات، وبصراحة أقترح أن تُجرب بعض الصحف هذه الفكرة من باب الاقتصاد في استخدام الحبر ولإعطاء المحررين مدة كافية للشقلبة
وبما أن العنوان الصحفي ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، أصبح من الطبيعي أن ينتهج المحررون استراتيجية الكذبة البيضاء في العناوين، فالمهم هنا زيادة عدد القُراء ولا ضرر في كذبة بسيطة يكتشفها القارئ بنهاية الخبر، هذا إذا سلمنا أنه قارئ فاضي
في مرحلة ما في الماضي اكتشف خُبراء العناوين أن عنواناً واحداً لا يكفي لكذبة بيضاء، فمن الإخلاص إعطاء العنوان "حقه" فالعنوان في الصحافة هو رأس المال وهو الطُعم الذي يصطادون به الإعلانات. من هنا بدأت الصحف تضع عدد ٢ عنوان للأخبار، عنوان للكذبة البيضاء والآخر يكون بمثابة الاستعطاف أو التطبيل. فإن لم تثيرك شقلبة المُحرر في العنوان الأول، حتماً سيرق قلبك لاستعطافه أو ربما تروق لك رنة الطبل في العنوان الثاني
قد يستغرق المُحرر وقتاً أطول لصياغة العنوان من المدة التي يقضيها لحشو المحتوى، فالمحرر يا سادة ليس خبير شقلبة فقط، بل خبير "محاشي" أيضاً، لذلك تجدون لذة في مطالعة العناوين ففيها نكهة "الكوسى" و متعة الشقلبات البهلوانية بالإضافة إلى الرقص والتطبيل، فهل رأيت صحافة أمتع من هذه؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق