قبل عقدين من الزمان فقط كانت الحياة "حلوة" مع مجلة ماجد. كنت أجمع الريالات في انتظار يوم الأربعاء لأشتري المجلة، و كان فضولي لا يتعدى البحث عن "فضولي" وقراءة القصص المصورة. كانت الحياة ملونة ويكاد عقلي يخلو من ديجيتال الصفر والواحد.
أذكر كيف كنا نتواصل حين كنا صغاراً، تتصل على رقم هاتف منزل صديقك لتخبره أنك قادم إليه، وتمشي على قدميك من حارة إلى حارة لتصل أمام منزل صديقك و "تدق الجرس"، تخيلوا كنا نستخدم الجرس وليس البي بي!
تطور الجرس ليتحول إلى رنّـة جوال لإخبار صديقك أنك في انتظاره. وتطور بعدها كل شيء مع التكنولوجيا، فظهرت بنطلونات بتقنية حديثة تساعد في التهوية، وتطورت اللغة وازداد عدد كلماتها وصرنا نقول: قوقل إت، كومنتات، ستاتس و تويت!*
الآن، لا أسعد الله التكنولوجيا التي تلاحقنا في كل بقعة حتى أصبح اليوم بلا فيس بوك أو تويتر يسبب "شد عضلي" في الرئة والطحال. سرعة تناقل الأخبار أصبحت أسرع من تقبلنا للخبر نفسه. تقود سيارتك في وسط "غابة" من الأشجار، فتستغل الوقت للحديث مع والدتك عبر السكايب بالهاتف الجوال. تصلك أخبار الأهل والأصدقاء، قبل الأهل أنفسهم وأنت تبحث عن موقف وسط المدينة. فعلاً، تغير نظام الحياة فلم يعد هناك عائق لمتابعة المباريات وقت المحاضرة، وشكراً للآيفون وغيره.
أصبحنا نقضي الساعات نصل رحم التكنولوجيا ونطلب ود التطبيقات المختلفة. وصارت الأحاديث الإجتماعية تبدأ "واتس أب مان" وتنتهي "بي بي حبيبي". وهنا أتساءل، ما مصير الجرائد الورقية؟ فآخر علمي بها كانت تستخدم "كسُفرة" طعام!
وتحت ظل هذا التطور في سرعة نقل المعلومة، أصبح من الصعب التفريق بين الصدق و الكذب. ترى خبراً أو موضوعاً يخبرك أن السفن آب فيه مواد مسرطنة وصابون دوف يحتوي على رصاص قابل للإشتعال ومناديل جونسون بها لعاب فيل! قلت لكم، سرعة نقل المعلومة أسرع من تقبلنا لذات المعلومة.
أحد الأصدقاء كوّن نظرية خاصة حول كل ذلك، فهو لا يصدق أي شيء، وينشر كل شيء، سألته عن ذلك فقال "يا أخي قًـلًـق"، بكل أمانة، لم أفهم قصده ولكني تمنيت أن تعود أيام مجلة ماجد حتى ما يصير لنا قلق!
معاني المفردات
قوقل إت: فعل أمر بمعنى ابحث عن الكلمة في محرك البحث الإلكتروني جوجل، وفي رواية قوقل
كومنتات: جمع كومنت وهو التعليق أو الرد
ستاتس: حالة، وترمز للعبارة التي يضعها مستخدم الفيس بوك للتعبير عمّا "يختلج" صدره
تويت: الجملة التي يضعها مستخدم التويتر، وكما قال العالم فهد البتيري " التويتر كلمة عربية سرقها الأمريكان وأصلها من التواتر لأن الشخص يكتب ما يتواتر في ذهنه من أفكار!"