الجمعة، 12 أكتوبر 2012

بكِ أُبْصِر





مرَّ شهرٌ .. مرَّ آخر
أعيت الأوجاعُ صَدري
مرَّ عامٌ يتلوهُ آخر
مرَّ ليلٌ لم نتسامر
أخبريني كيف أنتِ؟
كيف يمضي الوقتُ دوني؟
أخبريني كلَّ شيءٍ
أي شيءٍ إنْ بَقى أو تغيّر
وانثري الشوق عندي
واُكتبي الشِعرَ عندي
واُذكري ما ليس يُذكر
أخبريني مِيعاد نومك
وأيّ جنبٍ تتوسدي
أرجوكِ لا تتحيري
قد أمضيت الزمان أتحير!
كلما نسجتُ خَيالكِ قمراً
جاء صُبحٌ وتبعثر!
يمنعني المساءُ رَسمكِ
ويأبّى النهار أن أتصور!
أتعلمين قد ملّ صَبري
وملَّ مني طولُ انتظاري 
فلا تسألي مَاليَّ لا أتصبّر
أخبريني قبل أن
تُحرق النار صدري
أو يموت الشوق ثم يُقبر!
ألازلتِ في الصباح تُشرقين
وكالحمامةِ البيضاء
في الشُرفة تتنهدين
تُحلِّقين وترقصين!
أخبريني أكثر وأكثر
هل أطلتِ شَعْرُكِ
أم صار أقصر؟
أخبريني عن كُحلِ عينيك
عن لون الغروب في وجنتيكِ
وكم نقطةِ دمٍ في شفتيكِ
وعن لؤلؤٍ من بَيْنها يتستر
لا تسألي لمَ أسأل
مرَّ عُمرٌ ولم أنسى
"أنتِ عُمري"
فلم أحتج يوماً أن أتذكَّر
كُنْتِ كلَّ وقتي
كلَّ سكونٍ يَحيكُ صمتي
وعيني التي بها أُبصر!

الثلاثاء، 9 أكتوبر 2012

فزّاعة الذاكرة





قد نتقاسم نحن البُسطاء هذا الأمل في التحليق، وقد لا تخلو ذاكرة أحدنا من أرجوحة كُنا نتسابق نحوها، وكانت أعيننا تُحدق في تلك الأرجوحة من بين نافذة السيارات. نحنُ البُسطاء في كل شيء قد يُسعدنا أي شيء، وكان هذا الإطار المُعلق بسلسلة أو حبل طويل يملأ خرانة الذاكرة بابتسامات وربما ببعض الآلام إثر سقوط أو ارتطام!

ولأننا بُسطاء فقط، كُنّا نُخبئ الأماني خلف أوراق التقويم، ولازلنا نُعلقها على أمل الأيام القادمة. فمن البساطة أن لا يكون نيل الأشياء بسيطاً، قد تدخر الريالات عاماً بعد عام في "حصّالة" من فخار، تودع فيها مع كل ورقة نقدية حُلماً لاقتناء "لُعبة" صغيرة، هكذا نُعلق الأشياء على أمل يشبه فتحة "الحصّالة" الصغيرة.

نكبر وتبقى الصورة حاضرةً، يتسع إطارها قليلاً أو يبتعد مداها إلى داخل الصورة. لم يتغير ذلك الاحساس، الآن أصبحنا فقط نشقى من أجل حُلم عريض أو أمنية أعمق. ومهما كبرنا ستعود إلينا الصورة الأولى، ننظر في المرآة فتُفزعنا ملامح وجوهنا وتقاسيمها، نتأمل في خطوط العمر التي رسمها الزمان فوق جباهنا، نصمتُ فتُخاطبنا الصورة في المرآة، تسألنا "هل تتذكر؟" إنّا لا نُتقن شيئاً سوى استعادة الذكريات، تَرانا نشّمُ الهواء من نافذة الذاكرة، ونستعير بعض الابتسامات من حقول الطفولة، ونقضي هزيع الليل ننسج صور الماضي، هذا ما يعرفُه البُسطاء أيتها المرآة.

حين نتعرض لمثل تلك المُساءلة يُصيبنا الارتياب، نقفز من محط أقدامنا نحو بقعة احتوت تفاصيل حياتنا، نحو مسرح شهِد البكاء والفرح. يجعلنا نقف حيرى أمام الجمادات التي لم تتغير، ونقف ثُكالى لكل شيء اختفى من مكانه ولأجل الوجوه التي رحلت بعد أن ألِفنا وجودها. تُفزِعُنا هذه الذاكرة مع كل علامة استفهام، تَرمينا وسط بحرها كالأيتام، كبقايا حطام لا يعرف إلى أين ينتهي به القرار!

بعيدان لم نلتقي!




بعيدان والمسافةُ طويلةٌ جدًا
ورسائلُنا أنهكت أجنحةَ الحمام
بعيدان من كل الأشياء حولنا
إلّا من دفاترنا ومقابض الأقلام
نكتبُ الأشواق في عَجل اللقاء
ونستتر لو تحدثنا
لو  تهامسنا أو تراسلنا
ما ألذّ الخوف في قصص الغرام!
لكنّا من وجع الفراق ما طِبنا
لا ولا طابت لنا الأيام
سجينان في زنزانة الأقدار
بعيدان ودُموعنا أطول الأنهار
نختلس الوقت حيناً
وعليهِ إن لم نلتقي ألقينا الملام!
ما كانت الصدفة رسماً بأيدينا
وما كانت تجري طوعاً أمانينا
فأضنانا يا صديقة هذا الختام!
ليس الذنب أن تشتكي
أو شِعراً تكتبي
إن الشعور يموت لو مات الكلام!
مرّ العمر بيننا سريعاً
تسامرنا 
تخصامنا وتراضينا
وبقينا بعيدان تُساورنا الأحلام
 خذي هذا العهد مني
سأبقى أرتل اسمك
أردده صُبحاً وقبل المنام!