تصوّر أن تستيقظ كل صباح مُتهماً، تستفيقُ الأشياء من حولك موجهةً أصابعها نحوك، تغسل وجهك أمام حضرة القاضي كي لا تُراودك المرآة عن نفسها، وتتناول وجبة الإفطار بحليب طازح وطني، وتبقى متهماً بلا شيء وبأي شيء!
تسير إلى مدرستك محمولاً أمام حقيبتك، حقيبة تحوي ما يجب أن تحفظه وتؤمن به، حقيبة من فرائض وواجبات، هي حقيبة كان امتلاكها فارغةً شعوراً لا يضاهيه فرحاً سوى ركلة "الكابتن ماجد" المطبوعة فوقها، كان امتلاكها فارغة سعادة تشرنقت حين امتلأت كتباً توزع مجاناً ولا تُباع!
وباتساع الأرض التي تحملك، وبتضاريسها التي تشكلت في تقاسيم وجهك فإنك مُلزم للإثبات، ومُلزم بالتحذير والامتناع، فالتهمة ليست أكثر مما تتفوه به، فحاذر أن تُعرف أو تتعرف، وانتبه أن يزلّ الشخص الطيب فيك ويتحدث، فالطيبة هنا تقتضي الصمت، وهو واجبك الأول والأخير
قد تقضي سني عمرك متأرجحاً بين الصُحف وكُتابها أو بين خطبةٍ وضحاها، ليس مطلوباً منك استنكار شيء، فالوقت كالسيف، وهو أثمن من أن تفنيه مُستنكراً وخيرٌ أنه تقضيه نكرة!
تشبُ أو تُصاب عَرضاً بالشيّب ولاتزال متهماً في بياض شعرك، فربما تمشي "في أمان الله" مُجبراً على تقصي وقت أذان العشاء، ومُجبراً للتأكد من شرعية خطوات من "تسير" إلى جانبك حتى لا تُلقي بنفسك في "الجمس".
تجد نفسك في كل موقف مطلوباً للتبرير، مطلوباً لأن تحلف وتبصم وتهز رأسك بالإيجاب والقبول، فالجدال كما ورد في القواميس تُهمة!
ربما يُقدر أن تخوض حواراً، فأكثر من "أتفق" فهو السبيل لأن تدخل تحت مظلة "فرقة ناجي عطالله"، إن كنت ترى وبطيبة نواياك المعهودة أن قيادة المركبة غير محددة بجنس السائق، فلا تُفصح ولا تؤيد فالتُهم هنا لا تُعد ولا تُحصى، فسهلٌ أن تُبتكر الألقاب والأسهل أن تُرمى في وجهك تُهماً تتلوها أخرى.
إن كان لك رأي، فقلّبه في جوفك، ثم ارجمه بحجارة من سكوت، تعلّم أن تكون حصاناً خشبياً، فهل سمعت عن أخشاب متهمة! لا تُتهم الأخشاب أبداً، حتى وإن كانت مستورة "تغريبية"!
يا صديقي المُتهم، كل ما عليك فعله أن تتعلم ألا تهتم كي لا تُتهم