السبت، 6 ديسمبر 2014

لجين والذئب!



خلال دراستها في كندا ترأست السعودية لجين هذلول الهذلول نادي الطلبة العرب في مدينة فانكوفر، ما إن تم الإعلان عن الخبر حتى تصدى الكثير للطعن فيها بناءً على مظهرها فقط. كثيرون أبدوا امتعاضاً حول كونها فتاة ترأس ناديًا عربيًا، كثيرون لم يتوانوا في قذفها بأبشع الألفاظ، كثيرون لم يتورعوا في الطعن في شرفها، فقط لأنها امرأة بشكل مغاير عمّا اعتادوه، لا أكثر!

عادت لجين لبلدها، وكانت تُعبر عن رأيها حول حق قيادة السيارة بكل بساطة، عن حق بديهي في عالم بلغ الانسان فيه الفضاء وتعمق حتى النواة، تصور أننا نناقش هذا الموضوع في هذا العصر وفي مجتمع يزعم أنه وحده، وحده فقط صاحب الفضيلة!

لم تختلف ردود الأفعال حينها نحو شخص لجين سواءً حين تولت رئاسة النادي العربي أو حين عبرت عن رأيها ومارست حقها الطبيعي في التنقل بسيارة دون وجود شخص "غريب" معها بالداخل! لأنه لا مانع أن تكون برفقة الهندي كومار أو البنغال راجو أو الباكستاني عماد الدين، حينها ستكون انسانة شريفة!

أيضاً، حين أقدمت لجين للإفصاح عن خطبتها من السعودي الآخر فهد البتيري، لم يتوانى الكثيرون في ترديد ذات الشتائم والإمتهان فقط لأنهما اختارا بعضهما للحياة معًا، بهذه البساطة أصبح الاختيار والحُب جريمة وذنبٌ لا يُغتفر في مجتمع يتكاثر ويتزاوج بالحظ واليانصيب!

شنّوا هجومًا على انسانة لها صوت، انسانة متصالحة مع ذاتها، انسانة تفعل ما تقول، لأنهم في الحقيقة أجبن من الامتثال أمام قيم الحرية والانسانية. كيف لمجتمعٍ يدّعي كل هذا الذي يدعيه من الفضل والصلاح أن يعجز بكل شرائحه عن تقبل انسان صادق في تعبيره وسلوكه سوى أنه مجتمع مخصيّ الانسانية!

القضية ليست في مسألة قيادة امرأة لسيارة، لأنها قضية مفروغ منها ولا نقاش حول كونها حقًا بديهيًا لا يتنازع حوله حتى أنصاف العُقلاء، بل في مجتمع مُشوّه النظر نحو الانسان حين يكون "أنثى"! مجتمع فاقد للشعور بمعنى الحقوق والانسان والحياة تحت مُسمى الفضيلة المُزيفة!

تلك الفضيلة التي تتحول فجأة إلى مدافع شتم وطعن حيال انسان يمارس حقه الطبيعي وحياته الطبيعية فقط لأنه لا يمتلك عورةً ذكورية. كيف تتوقع من مجتمع النهوض لأول خطوات المعرفة وهو لازال يرى نصفه الآخر "عورة" فاقدة للأهلية، بل لا يراها انسانًا!

المعضلة أن كثير من المُعادين لقيمة الحُرية في هذه القضايا هُن نساء يُردن البقاء في جلباب التبعية كبقايا المتاع، بشر وُلِدوا أحرارًا وأبين إلاّ العبودية!

لجين لم تُعرِ جزءً واحدًا من هذا المجتمع فحسب، بل عرّتهُ بالكامل، أثبتت أنه مجتمع مبتور الشعور نحو الحُب، مجتمع أعرج المشي، وفاقد لأدنى قيم الانسانية عند الاختلاف الطبيعي!

شكرًا لجين، ولا عزاء لمجتمعٍ تلده امرأة، تُربيه امرأة، تعطف عليه امرأة، تضمه امرأة، تعلمه امرأة، يخطّ له شبه "شنب" فيراها ناقصة!